: آخر تحديث
للشكوك المتنامية تجاه سياسة ترمب الاقتصادية دور

الارتفاع غير المتوقع لليورو قد يشكل عائقًا أمام النمو

90
93
69

سجل اليورو ارتفاعًا قويًا خلال الأشهر الماضية أمام الدولار مدفوعًا بتنامي الشكوك حيال سياسة دونالد ترمب الاقتصادية، وإن كان يخشى أن يمثل هذا الارتفاع عبئًا على النمو، لا سيما في منطقة اليورو.

إيلاف - متابعة: في مطلع السنة، كانت الأسواق تخشى فوز الجبهة الوطنية اليمينية المتطرفة في فرنسا، وتعوّل على مشاريع ضخمة للبنية التحتية الأميركية، بعد وعود ترمب بانفاق مئات مليارات الدولارات لإنعاش الاقتصاد، كان من شأنها رفع التضخم وتحسين أسعار الفائدة والدولار.

فوضى البيت الأبيض
لكن خلافًا لكل التوقعات، وبعد أقل من ثمانية أشهر، ارتفع سعر اليورو، بعد زوال شبح الشعبوية مع فوز إيمانويل ماكرون بالرئاسة في فرنسا، وهكذا بلغ اليورو الأربعاء أعلى مستوى منذ بداية يناير 2015 ليصل إلى 1.19 دولار.

يقول الاقتصادي فيليب ويشتر لدى ناتيكسيس لفرانس برس "منطقة اليورو هي اليوم تقريبًا منطقة استقرار". وتعد استعادة الثقة نبأ سارًا لأوروبا، التي ظلت مسيرتها متعثرة منذ بداية الأزمة، وباتت تسجل اليوم نموًا ثابتًا بلغ 0.6% في الربع الثاني مقارنة مع الربع الأول في البلدان التسعة عشرة التي تعتمد اليورو.

ويقول لودوفيك سوبران كبير اقتصاديي شركة التأمين "أولر هرمس" إن "السؤال الحقيقي هو لماذا لدينا دولار ضعيف". وعزا هذا الانخفاض في العملة الأميركية إلى الفوضى السائدة في البيت الأبيض، سواء على الصعيد السياسي أو الاقتصادي.

الوظائف مهددة
يضيف أنه "في ظل نسب نمو متساوية في منطقة اليورو وفي الولايات المتحدة، ومع اتفاق سياستيهما النقدية، فإن الفرق يكمن في الثقة التي يضعها المستثمرون والشركات في كل من المنطقتين".

في الوقت الراهن، يبقى التأثير على النمو معتدلًا مع توقع سوبران تراجعًا من 0.1 نقطة في منطقة اليورو خلال هذه السنة، ولكن في حال واصل اليورو ارتفاعه فقد يبلغ هذا التراجع من 0.3 إلى 0.4 بالمئة في السنة المقبلة.

تتجه الأنظار الآن إلى البنك المركزي الأوروبي لكي يتدخل وينقذ الموقف. ويقول ويشتر: "إن دوره يكمن اليوم في فعل كل ما هو ممكن من أجل استمرار تحسن النمو، واستحداث المزيد من الوظائف. واليورو القوي يمثل خطرًا عليهما".

يختلف وقع اليورو القوي على كل بلد. فألمانيا، أكبر اقتصاديات منطقة اليورو، ليس لديها ما تخشاه في الوقت الراهن، وفق هولغر شميدنغ الاقتصادي لدى بنك بيرنبرغ، الذي يقول إن اليورو "لا يزال بعيدًا عن سعره المتوازن على المدى البعيد، وهو 1.25 دولار".

إيطاليا في المقدمة 
كما إن "ربع الصادرات الألمانية يُسعر اليوم بالدولار، في حين أن ثلث التجارة الخارجية يذهب إلى منطقة اليورو، ولا تتاثر بالتالي بسعر الصرف،" وفق إيلي نوثناجيل الخبير في جمعية غرف التجارة الألمانية. لكن إيطاليا في المقابل ستكون "أكثر المتأثرين بتحسن سعر اليورو" وفق سوبران، الذي يذكر بأن صادراتها تتقلب باستمرار تبعًا لسعر صرف العملة الأوروبية.

تقول ليسيا ماتيولي نائب رئيس منظمة أرباب العمل الإيطاليين "كونفياندستريا" والمكلفة الشؤون الدولية إنه "في حال ظل سعر صرف الدولار- اليورو مستقرًا عند هذا المستوى، فلن يكون الأمر في مصلحتنا". تضيف إن "الأثر قد يكون شاملًا على صادراتنا التي ازدادت في السنوات الأخيرة باتجاه أميركا. نحن نصدّر إلى الولايات المتحدة من قطاعات عدة: الموضة والأكسسوارات والحلي والأغذية والسيارات وآلات المصانع...".

بعض الفوائد
لكن لوسيا تاجولي أستاذة السياسة الاقتصادية في كلية التجارية في معهد ميلانو للفنون التطبيقية (بوليتكنيك) فترى أن "اليورو قوي نسبيًا، وليس قويًا جدًا".

تضيف لفرانس برس "لقد نمت الصادرات خلال السنوات الماضية، وقد تعاني قليلًا، ولكن لا يتوقع أن يكون للأمر تأثير مبالغ به" مؤكدة أنه من منظور الاقتصاد بمجمله "هناك فوائد كبيرة متوقعة، مثل خفض سعر استيراد النفط والغاز، على سبيل المثال".

ويرى الاقتصاديون الفرنسيون أن السعر المتوازن لليورو هو 1.15 دولار، وأن ارتفاع اليورو "سينعكس بالطبع على قطاعات مثل الملاحة الجوية"، وفق سوبران، الذي يذكر مع ذلك بأن كبرى الشركات الفرنسية هي التي تصدر خارج منطقة اليورو، وأنها برهنت في السابق على قدرتها على التكيُّف مع يورو قوي.

في الوقت الحالي، لا ينبغي أن يثير ارتفاع سعر اليورو قلق إسبانيا، التي يذهب نصف ما تصدره إلى منطقة اليورو، وثلثاها إلى الاتحاد الأوروبي، والتي نمت صادراتها بمعدل 5% خلال الأشهر الخمس الأولى من 2017 مقارنة مع الفترة نفسها من السنة الماضية.
 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في اقتصاد