: آخر تحديث
حرب ضريبية عالمية تلوح في الأفق

خطة ترامب لخفض الضرائب تثير مخاوف

90
94
83

أثارت خطة دونالد ترامب القاضية بخفض الضرائب على الشركات في الولايات المتحدة مخاوف من قيام سباق جديد في العالم لخفض الضرائب قد يتسبب بعواقب اجتماعية وخيمة، برأي خبراء.

إيلاف - متابعة: بحسب الخطة التي وصفها مستشار ترامب في الاقتصاد غاري كون بأنها "أهم قانون لخفض الضرائب منذ 1986، وأحد أكبر التخفيضات الضريبية في التاريخ الأميركي"، يعتزم البيت الأبيض تخفيض الضرائب على الشركات من 35 إلى 15%.

الهدف، بحسب وزير الخزانة ستيف منوتشين، هو "إعادة مئات مليارات الدولارات الموجودة خارجة البلد لاستثمارها هنا في الولايات المتحدة" وإنشاء وظائف. ويسعى ترامب من خلال خطته الإصلاحية إلى تحقيق نمو اقتصادي سنوي بنسبة 3%.

غير أن الخطة المرتقبة منذ فترة طويلة، والتي لم يكشف عنها سوى بعض الخطوط العريضة بدون الخوض في التفاصيل، قد تواجه معارضة شديدة في الكونغرس، بما في ذلك من بعض الجمهوريين، على خلفية خلاف حاد بين الأعضاء حول زيادة العجز المالي المرتفع أساسًا.

وطأة هائلة
كذلك أثارت الخطة انتقادات منظمات غير حكومية وجمعيات غير ربحية. وقالت المتحدثة باسم منظمة "أوكسفام" مانون أوبري لوكالة فرانس برس إن الخطة قد تؤدي إلى تسريع "السباق إلى المنافسة الضريبية على صعيد عالمي، وسندفع جميعًا الثمن".

تابعت "حين تقرر أقوى دولة في العالم تخفيض عائدات الضرائب إلى هذا الحد، فقد تحذو دول عدة أخرى حذوها، ما سيؤدي إلى خلل تترتب عنه عواقب هائلة على مجتمعاتنا".

وحذرت بأن تراجع العائدات الضريبية قد يجعل من الصعب على الحكومات دفع نفقات الضمان الصحي والمساعدات الاجتماعية وغيرها من التقديمات، بدون زيادة العجز في الميزانية.

وفي سعيها إلى التعويض عن العجز، قد تعمد الحكومات بحسب أوبري إلى زيادة ضريبة القيمة المضافة التي تنتقد في غالب الأحيان لما تتسبب به من أعباء ضريبية غير متناسبة بحق الأقل ثراء.

توترات دولية
وأوضح المحامي المتخصص في المسائل الضريبية جان بيار ليب أن "تخفيض الضرائب على الشركات في الولايات المتحدة سيثير توترًا بين الدول".

وتعتبر الضرائب على الشركات في الولايات المتحدة حاليًا الأعلى بين دول منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، تليها فرنسا، حيث النسبة 34%، ثم بلجيكا (33%) وأستراليا (30%). ويبلغ متوسط الضرئب على الشركات في دول منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية حاليًا حوالى 24%.

غير أن عددًا من الدول قرر خفض معدلات الضرائب على الشركات، سعيًا منه إلى تحسين بيئة الأعمال وجعلها أكثر جاذبية للشركات.

امتصاص بريكست
في هذا السياق، تعتزم بريطانيا تخفيض المعدل من 20 إلى 17% عام 2020، في قرار اتخذ قبل خطة ترامب، وجاء استجابة للمخاوف من أن تفقد بريطانيا قدرتها على اجتذاب الشركات بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي.

وأفادت بعض الصحف البريطانية حتى عن خطط لخفض الضرائب إلى 15% لمساعدة البلاد على مواجهة عواقب بريكست، لكن يبدو أن رئيسة الوزراء تيريزا ماي استبعدت مثل هذا التخفيض الكبير في الوقت الحاضر.

أما فرنسا، فتعتزم تخفيض نسبة الضرائب على الشركات من 34 إلى 28% عام 2020. كما تنوي دول أخرى، بما فيها إيطاليا وإسرائيل، اتخاذ تدابير مماثلة.

هروب إلى الأمام
قال جان بيار ليب "ما نشهده هو حركة هروب إلى الأمام"، مشيرًا إلى المجر التي ستخفض الضرائب على الشركات من 19 إلى 9 %. لكن حتى إذا نجح ترامب في تنفيذ خططه، فإن دولًا مثل إيرلندا استخدمت ضرائبها المتدنية لاجتذاب شركات أجنبية مثل غوغل وآبل، تتوقع أن تبقى جذابة لهذه الشركات.

وقالت مجموعة الضغط الكبرى للأعمال في إيرلندا "آيبيك" إن الاقتراحات الأخيرة "قد تشكل بعض الضغط على إيرلندا لجهة قدرتها التنافسية".

ورأى اللوبي أنه "حتى إذا نجحت الولايات المتحدة في تطبيق تخفيض ضريبي كبير، فإن العرض المتاح للشركات الأميركية للاستثمار في إيرلندا يبقى جذابًا".

زيادة الدين نتيجة
وعبّرت وزارة المالية الإيرلندية عن الرأي عينه، وقال مصدر في الوزارة لوكالة فرانس برس إن "كون إيرلندا عضوًا في الاتحاد الأوروبي، سيبقى عاملًا أساسيًا لاجتذاب استثمارات أجنبية مباشرة من الولايات المتحدة وبلدان أخرى". غير أن البعض يشكك في قدرة ترامب على تمرير هذه التخفيضات الضريبية في الكونغرس.

ورأى مركز "تاكس بوليسي سنتر" الأميركي للدراسات أن خطط ترامب قد تخفض ميزانية واشنطن بمقدار 6.2 تريليون دولار خلال العقد المقبل، وتزيد الدين العام الأميركي بمقدار 20 تريليون دولار بحلول 2036.

ويعارض الكثير من الجمهوريين تقليديًا أي زيادة في الديون العامة، ولن يكونوا بالتالي على استعداد للقبول بمثل هذه الزيادة في المديونية.


 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في اقتصاد