: آخر تحديث
من أجل تحقيق أرباح طائلة لشركاتها

بغداد تتهم واشنطن بالسعي لتدمير الزراعة العراقية

132
128
137

«إيلاف» من بغداد:  أكدت وزارة الزراعة العراقية أن الحاكم المدني للسلطة الاميركية في العراق سابقا بول بريمر عمل على تدمير الزراعة العراقية من خلال إصداره الاوامر بمنح شركتين أميركيتين حق احتكار توريد بذور لأنواع رديئة من الحنطة او معدلة جينياً لزراعتها في العراق وتوزيع أسمدة خاصة، لتحقيق أرباح طائلة من خلال جعل الارض العراقية مختبرا للتجارب، في وقت كان المواطن العراقي بحاجة ماسة الى الخبز.

 وأشارت الوزارة من خلال الناطق الرسمي باسمها المهندس حميد النايف، إلى أن الضرر وإن كان محدودا الا انه كان معنويا كون البذور التي وزعت على الفلاحين كانت في مناطق محدودة فضلا عن تحذيرات الوزارة للفلاحين بعدم استلام أي بذور من دون علم الوزارة .

وبدأ المهندس حميد النايف، الناطق الرسمي باسم وزارة الزراعة العراقية، حديثه لـ «إيلاف» بالقول : «معروفة هي الظروف التي مرّ بها العراق حيث كانت كل البنى التحتية لوزارة الزراعة مهددة بالانهيار وقسم منها اندثر وهناك قسم منها استطعنا اعادته، اما بالنسبة إلى قطاع البذور فهو قطاع استمر في عمله وان تعثر في فترة من الزمن بسبب القرار الخطير الذي أصدره بول بريمر بأن تكون بذور الحنطة التي تستخدم في الزراعة حكرا بتوزيع شركات اميركية على الرغم من ان لدينا باحثين وأكاديميين مثلما لدينا أصناف عالية الجودة.

 

بول بريمر

 

 ما الغاية من الامر الذي اصدره بريمر؟

الامر رقم 81 الذي اصدره الحاكم المدني لسلطة الاحتلال في العراق، بول بريمر عام 2003 كانت الغاية منه تحطيم البنى التحتية للزراعة العراقية وان يستورد العراق كل شيء واراد ان يجلب حتى البذور الاميركية الرديئة الى العراق والبذور الاخرى، على الرغم من الظروف الصعبة التي كان يمر بها العراق خاصة ان الحصار الاقتصادي ما زال مفروضا وهناك شحة في محصول الحنطة العراقية وان كنت انا شخصيا استلمت في الشهر الخامس من عام 2003، أي بعد سقوط النظام السابق بمدة قصيرة، البذور من الامم المتحدة في منطقة (ابو غريب) لكنها كانت بكميات قليلة لا تفي بالحاجة،وبصراحة ..هاتان الشركتان اللتان اوكل اليهما بريمر مصير القطاع وزعتا بذور الحنطة بشكل محدود على الفلاحين بما لا يفي بالغرض الذي اراده بريمر  لتدمير الزراعة في العراق، ولكننا مع ذلك كنا نعمل على ادامة البنى التحتية، صحيح ان هذا القطاع تعرض الى الكسر وكما تعلم ان الفراغ الامني حينها اثر سلبا في القطاع الزراعي بشكل خاص، لان القطاع الزراعي ليس داخل المدن بل خارجها، محطاتنا البحثية كلها خارج المدن، لذلك كان الوصول الى هذه المحطات فيه صعوبة كبيرة.

كيف جلبوا بذورا رديئة ولماذا؟

الشركات الاميركية لم تجلب الى العراق بذور الحنطة من الانواع الجيدة بل من الرديئة او المعدلة جينياً، واضرب لك مثلا: انا درست في الجامعات الاميركية ودخلت للبورصة الاميركية والقيت محاضرة في وزارة الزراعة الاميركية، وحاولت ان اجلب للعراق ثلاث حبات من الحنطة، وضعتها في جيبي، لكنهم رفضوا لان هذه البذور (خبازة)، قالوا ان هذه الحبات الثلاث حين تزرعها ستكون ثلاث نبتات وهذه النبتات ستطرح كيلوغراما من الحنطة وهكذا، لذلك اقول لك انهم جلبوا الى العراق انواع الحنطة الرديئة، ومنها تلك التي تصلح للمعكرونة،لانهم لم تكن لديهم نيات لاصلاح الوضع في العراق وجعله منتجا بل انهم ارادوا جعل الارض العراقية حقول تجارب لهم .

هل كان لهذا الامر تأثير سلبي؟

لا اخفي ان اصل الامر كان تأثيره كبيرا لاسيما انه اراد للعراق ان يكون مستوردا فقط بينما العراق لديه نظام استنباط خاص للبذور وتجديد الاصناف ولديه برنامج مستمر، لكن بصراحة اثر القرار سلبا بشكل معنوي وليس عمليا، خاصة ان المزارع العراقي عنده اصناف زراعية محددة.

كيف كان تأثيره معنويا؟

بريمر اصدر هذا الامر من اجل ان تقوم الشركات الاميركية بتوزيع البذور، لكن هذه البذور لا تتلاءم مع وضعنا الزراعي، لا مع البيئة العراقية ولا مع طبيعة الارض، فلم تنجح التجربة الا قليلا ربما، والان البذور الاميركية غير موجودة في العراق تماما .

هل من توضيح اكثر؟

الشركات الاميركية وزعت البذور على فلاحين في مناطق محدودة غير مشهورة منها في محافظة صلاح الدين وبعض المناطق الشمالية وجزء بسيط جدا من الجنوب ضمن منظمات محدودة وغير رسمية، على عكس ما كانت تطمح به هذه الشركات لانها كانت تهدف الى توسعة تجاربها وفقا لقرار بريمر الذي كانت غايته الاساسية حرمان الفلاحين من خزن البذور أو تبادلها أو إعادة زراعة ما حصدوه منها.

*هل التزم الفلاحون العراقيون بأوامر بريمر؟

الامر غير ملزم للفلاحين العراقيين بل كان اختياريا، والشركات وزعت البذور على عدد محدود من الفلاحين ولم تستطع ان تغطي كل العراق ولكن كان لهذه الشركات امل ان تتوسع ولكنها لم تتوسع لان تجربتها فشلت، ولاننا كنا نعمل على تحذير الفلاحين بشكل مستمر على عدم استلام اية بذور من دون ان يكون لوزارة الزراعة علم، واعتقد ان اغلب الفلاحين لم يلتزموا بالامر وفقا لتحذيراتنا .

هل فعلا وزعوا بذورا تدخل بصناعة المعكرونة؟

نعم هناك مادة تدخل في صناعة المعكرونة وهي نوع من انواع الحنطة وزعوها على عدد من الفلاحين، ويبدو انهم ارادوا اختبار الارض العراقية وجعلها مختبر تجارب لتحقيق ارباح من خلال هذا.

هل وزعت هاتان الشركتان خلطات خاصة من الاسمدة مع البذور؟

نعم .. وزعوا الاسمدة، في ذلك الوقت الذي لم تكن فيه الدولة موجودة كما وزعوا اشياء غير طبيعية كالمبيدات التي فيها مضار جانبية، الان لا يوزع أي شيء الا بعلم الوزارة وقد ابلغنا المزارعين بذلك لان هناك مضار كثيرة على الانسان ،فنحن نخاف من المواد السمية التي فيها.  

هل حذرتم من امر بريمر كونه يشكل خطرا أو هل ابلغتم رئيس الوزراء بذلك؟

نعم حذرنا ، ولكن كما تعرف ان الوضع السياسي آنذاك لا يسمح سوى بالتحذير وان كان واجبنا العمل ، ولا اعتقد ان السياسيين في ذلك الوضع السياسي من الممكن ان تكون لهم علاقة بالزراعة، ولكن وزير الزراعة هو المسؤول وكان يحذر المزارعين ،نحن كزراعيين نتعامل مع مجتمعنا الريفي، نحذرهم بعدم اخذ الاسمدة الكيمياوية وعدم اخذ البذور الا بعلمنا .

كم من السنوات استمر العمل بأمر بريمر؟

استمر العمل بقرار بريمر الى عام 2010، حتى يوم السيادة بخروج القوات الاميركية من العراق، يمكن القول انه استمر نحو ست سنوات، لكننا كنا نعمل بعيدا عن هذا الامر وبدأ النهوض بعد ذلك من جديد .

ما واقع البذور في العراق حاليا؟

اليوم عندنا اصناف وصلت الى ان الدونم الواحد ينتج طنين الا ربعا بينما كانت تنتج 400 كيلو غرام فقط .ولولا داعش لكنا وصلنا الى الاكتفاء الذاتي من الحنطة، الى خمسة ملايين طن، وقد حققنا في تلك السنة اربعة ملايين طن وقد ذهب المليون في الموصل، فبالنسبة إلى الحنطة نحن لدينا برامج واعدة، لدينا برنامج اكثار بذور الرتب العليا ، مع ادامتنا لأصنافنا، ثم ان الوزارة من خلال باحثيها ودائرة فحص وتصديق البذور المشرفة على انتاج البذور ومراحل انتاجها ابتداء من النوية، حافظت على الاصناف من التدهور .

هل تمر الزراعة العراقية بأسوأ احوالها حاليا؟ 

الزراعة العراقية حاليا تمر بأفضل حالاتها ولكن المشكلة في التداخلات الموجودة وفي عدم حماية المنتج المحلي من الجهات الاخرى الساندة التي نأمل منها دعم الوزارة حتى نستطيع ان نعمل، خاصة اننا نبلغها على الدوام بكتب رسمية بمنع العديد من المزروعات خاصة التي تحقق الاكتفاء الذاتي وما زالت المشاكل غير محلولة .

يذكر ان الحاكم المدني لسلطة الاحتلال في العراق، بول بريمر،الذي عينته ادارة الرئيس الاميركي بوش، أصدر عام 2003 مئة أمر حددت جهود إعادة اعمار العراق، من تلك الأوامر هو المرقم 81 الذي دمر قطاع الزراعة، حيث أوكل مصير القطاع إلى شركتي مونسانتو Monsanto العملاقة لتقنية الحيوية وإنتاج البذور، وكارجل اند داو كيميكال Cargill & Dow Chemical للتصنيع الكيمياوي والزراعي، ومنع به الفلاحين العراقيين من خزن البذور أو تبادلها أو إعادة زراعة ما حصدوه منها.

 

 

 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في اقتصاد