: آخر تحديث
تمنح للزوار هدوء الأطلس وسحر الطبيعة

"بني ملال"... عنوان السياحة الطبيعية في المغرب

489
550
447

غالبًا ما يُقرن الحديث عن مدينة بني ملال (وسط المغرب)، التي تلقب بـ"تونس الخضراء"، بشلالات "عين أسردون" ومدارها السياحي، الذي يعتبر من بين المزارات السياحية الرائعة بالمغرب، والذي يزوره آلاف السياح المولعين بالسياحة الجبلية والماء والخضرة والظلال الوارفة.

إيلاف من الرباط: تُلقب بني ملال، بـ"عروس جبال الأطلس"، وهي تتوسط مدينتي فاس ومراكش، كما توجد على مسافة 200 كلم من الدار البيضاء، فيما تنفتح على الجنوب المغربي، عبر مدينتي الراشيدية وورزازات.

وتمتلك منطقة بني ملال إمكانات سياحية هائلة ترتبط، أساساً، بالسياحة الجبلية وطبيعة فاتنة، كما أن المنطقة معروفة بهدوئها وقدرتها على توفير الأمن والأمان لزوارها.

ويوجد بالمنطقة عنوانان سياحيان صار لهما صيت عالمي، يتعلق الأمر بشلالات "أوزود" و"عين أسردون"، التي تشترك في مصدر جمالهما، حيث الماء مشترك بينهما ضمن جهة غارقة في خضرة سهل تادلة الغني بمؤهلاته الفلاحية، والأطلس الشامخ الممتد في عمق المغرب جبالاً لمتعة العين وسنداً للدير والسهول، توحدهما تراباً وتقسيماً إدارياً بالمملكة، أما على الصعيد السياحي ومتعة العين والاستجمام، فكل موقع ينادي على الآخر، مقترحاً على الزوار، مغاربة وأجانب، فضاءً خلاباً للاصطياف والاستمتاع بالشلالات وهي تنساب من فوق لتلامس أرضاً اعتادت على الماء والخضرة.

إمكانات مهمة

وعُرفت "عين أسردون"، على مدار السنوات، كمقصد للعائلات، خصوصاً خلال فصل الصيف. وتُحكى الكثير من الأساطير والخرافات حول الأصل في تسمية "عين أسردون"، التي تنبع من تخوم الجبل فتسقي الأرض والعباد، فيما تمتد السواقي عبر أحياء المدينة مثل الشرايين التي تغذي الجسد.

وتتميز "عين أسردون" بماء عذب يخرج من بين صخور بلورية في أسفل جبال الأطلس، التي تكسو قممها الثلوج بكثافة خاصة في فصل الشتاء.

وتنتصب جبال الأطلس شامخة في خلفية المدينة، فيما تغري مرتفعات "تاسميط" بالتسلق، فيما يتموقع مدار "عين أسردون" على ربوة صغيرة، حيث شلالات المياه التي تؤثث لها حدائق ساحرة زُينت بالكثير من أنواع الأزهار والورود والأشجار والنباتات الطبيعية الرائعة، فيما القْصر المجاور للعين، يقف شامخاً على المرتفع مثل حارس وَفِيٍّ للخضرة والمدينة والتاريخ.

وتنفتح زيارة المدار السياحي لـ"عين أسردون" على ما يحيط بالموقع من إمكانات سياحية مهمة، وخصوصاً عبر زيارة شلالات "أوزود" الرائعة، على الجانب الآخر من الجهة، عبر الطريق المؤدية إلى مدينة أزيلال.

ويصنف "أوزود" كمصطاف بشهرة عالمية، حيث أنه لا تكاد تخلو منه المطويات والكتيبات التعريفية الخاصة بالمغرب السياحي، وهو يقع بتراب إقليم أزيلال، ويمكن للسائح أن يصل إليه سواء كان قادماً من مراكش أو من بني ملال. فمن جهة مراكش، توجد منطقة الشلالات، على بعد 22 كلم من بلدة "تنانت" و150 إلى الشمال الشرقي من مراكش وعلى طريق مدينة دمنات، أما من جهة بني ملال فعبر الطريق الرابطة بين مدينتي أزيلال ودمنات، بحوالي 14 كلم، قبل المرور من طريق ضيقة، طولها حوالي 16 كلم، توصل السائح إلى منطقة "أوزود"، قبل أن تتراءى الشلالات منسابة من علو 110 متراً، من دون توقف، شتاءً أو صيفاً، تلخص لها مياه متدفقة من الأعالي، مصدرها ما يفوق 20 عيناً من "تنانت"، كما أن صبييها يخضع للتقلبات المناخية، في الوقت الذي تغذي فيه مياهه المتدفقة روافد وادي العبيد.

مواقع بسيطة

وتلتقي تدفقات وادي "أوزود"، الذي يتشكل من ثلاثة منابع، في مجرى واحد، يصب، بعد نحو كيلومتر، في وادي العبيد، الرافد الأساسي لنهر أم الربيع، أهم أنهار المغرب.

ونظراً لتضاريس وطبيعة المنطقة الجبلية، الواقعة بالأطلس المتوسط، فإن من عادة زوار شلالات "أوزود" أن يستمتعوا بجمال وطبيعة المنطقة راجلين، حيث يقومون بركن السيارات والحافلات بساحة واسعة قبل التوجه إلى المسالك التي تنزل بالزوار إلى الأسفل، حيث مياه الشلالات، التي يمكن الاستحمام فيها والاستظلال بالظلال الوارفة التي توفرها أشجار الزيتون المنتشرة في جنباتها، كما أن المسالك الموجودة عبر المصطاف سهلة ومهيأة على شكل أدراج، يصادف الزائر، عند نزوله عبرها، في الأسفل، مقاهي ومطاعم ومحلات تعرض الألبسة والحلي، ومعروضات الصناعة التقليدية المعدنية والخزفية والجلدية والصوفية وغيرها، والتي غالباً ما تكون من صنع محلي أو جلبت من مناطق مجاورة، معروفة بالصناعة التقليدية، كمنطقتي "دمنات" و"بزو".

ورغم أن مقاهي ومطاعم ومحلات "أوزود" تفتقر إلى الفخامة التي قد تتطلبها المواقع السياحية الشهيرة، فإنها، ببساطتها وأسعار معروضاتها وطريقة تعامل أصحابها، تنسجم مع الطبيعة التي تحتضنها، في بساطة المواصفات الأولى لشكل وتشكل الحياة، وذلك من دون تعقيدات في الأداء أو المساومة، أو الولوج إلى أمكنة العرض والبيع.

وتتميز منطقة "أوزود" بمناخ صحي وثروات نباتية وحيوانية جد متنوعة، وتبلغ متعة العين والاستجمام أقصاها حينما يتتبع الزائر حركات ومنظر القردة وهي تتقافز عبر الأشجار والمساحات الخضراء.

وتوجد في أسفل الشلال بحيرتان، توفران للمصطافين متعة السباحة لمن يهوى السباحة ، أو هامشاً للتأمل في جمال طبيعة لم تصلها معاول الحفر ولا برودة الإسمنت وخرائط المهندسين المعماريين.

مصدرٌ للكسب

وإلى متعة السباحة  وهامش التأمل، هناك من المصطافين من يرافق بعض المجموعات الغنائية، التي تجعل من الشلالات ومنطقتها فضاء للاسترزاق والكسب، عبر ترديد أغاني وأهازيج تستحضر روح المنطقة وثراثتها عبر أغاني أمازيغية أو شعبية.

ويرجع البعض تسمية "أوزود" إلى أصول أمازيغية، تعني إحداها "الدقيق الذي يخرج من المطحنة"، فيما يحيل أصل آخر على كلمة "أوزو"، التي تعني أشجار الزيتون.

وفي "أوزود"، وإضافة إلى الماء والخضرة، لا يفوت الزوار فرصة زيارة المطاحن التقليدية التي تعتمد في طحن حبوبها على الطاقة المائية التي توفرها مياه الشلالات.

واللافت أن طحن الحبوب في هذه المطاحن التقليدية يخضع للعرف، أساساً، حيث لا يدفع الراغب في طحن قمحه مقابلاً نقدياً، وإنما كمية من الطحين تراعي نسبة معينة من الكمية المطحونة.

وبعد أن كان معظم زوار "أوزود" من السياح الأجانب، فقد لوحظ، اخيرا ، تردد متزايد لزوار مغاربة، وخاصة من بين المهاجرين المغاربة، الذين يحنون لطبيعة وهواء بلادهم النقي هاربين من ضجيج باريس وضباب لندن وزحمة ميلانو، ومن سكان المدن الساحلية، الذين يرغبون في استبدال ملوحة شواطئ البحر بظلال الجبل ومياه الشلالات العذبة.

وفضلا عن المهاجرين المغاربة وسكان المدن الشاطئية، يقنع جزء كبير من سكان جهة تادلة أزيلال، ممن تمنعهم ظروفهم المادية من قضاء عطلهم بالشواطئ، بمنطقتهم للاستمتاع بما توفره من إمكانات طبيعية ومؤهلات سياحية.
 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في اقتصاد