: آخر تحديث
"إيلاف" تقرأ لكم في أحدث الإصدارات العالمية

جاسوسية وخيانة... قصة عميل جندته روسيا فتلقفته بريطانيا

264
281
245
مواضيع ذات صلة

يرتقب تحويل كتاب عن العميل الروسي البريطاني المزدوج غورديفسكي إلى مسلسل تلفزيوني، الذي أرسلته المخابرات السوفياتية إلى لندن لجمع أسرار من دون أن تعرف أنه يعمل لمصلحة الاستخبارات الخارجية البريطانية.

إيلاف: ينتصب في ركن من وسط لندن عمود صغير لتوجيه حركة المرور، هناك العشرات منه في أنحاء المدينة. لكن هذا العمود المروري تحديدًا كان له دور كبير في الحرب الباردة. 

ففي 18 مايو 1985 أولى أوليغ غورديفسكي الضابط في المخابرات السوفيتية "كي جي بي"، الذي أصبح من أكبر العملاء المزدوجين في الاستخبارات البريطانية، أولى هذا العمود اهتمامًا كبيرًا. فإن قطعة من العلكة على رأس العمود كانت إشارة إلى تسليم 8000 جنيه إسترليني إلى عميل سري في الـ"كي جي بي". 

دور في إنهاء الحرب الباردة
تنقل صحيفة "إيفننغ ستاندارد" عن الصحافي بين ماكنتاير، الذي صدر أخيرًا كتابه عن غورديفسكي "الجاسوس والخائن"، أن الجواسيس الروس كانوا يحبّون العمل الجاسوسي المحبوك إلى أدق التفاصيل، بحيث إذا قرأت عنه في رواية تظن أنه شديد التعقيد. 

كانوا يعتقدون أن النشاط الجاسوسي، كلما زاد تعقيدًا.. قلت احتمالات اكتشافه. وبالنسبة إلى العميل المزدوج غورديفسكي، كان هذا يعني رسائل سرية تُخفى في مرافق عامة ودبابيس لتأشير نقاط استراتيجية على خطوط قطارات الأنفاق وكاميرات خفية. 

يقتفي ماكنتاير في كتابه خطوات غورديفسكي في لندن. وكانت المخابرات السوفياتية أرسلته إلى العاصمة البريطانية لجمع أسرار من 1982 إلى 1985 من دون أن تعرف أنه في الحقيقة يعمل لمصلحة الاستخبارات الخارجية البريطانية "إم آي 6"، كاشفًا عن معلومات يقول ماكنتاير إنها قامت بدور مهم في إنهاء الحرب الباردة. 

نصيحة مدسوسة استخباريًا
بحسب ماكنتاير فإن غورديفسكي كان ينتمي إلى أقلية صغيرة من الجواسيس المؤثرين، وكانت معلوماته تصل إلى وكالة المخابرات المركزية الأميركية "سي آي إيه".

عندما زار الزعيم السوفياتي ميخائيل غورباتشوف بريطانيا في عام 1984، كانت مهمة غورديفسكي أن ينصحه بما يقوله حين يلتقي مارغريت ثاتشر. ولم يكن غورباتشوف يعلم أن النصيحة كتبتها الاستخبارات البريطانية. هكذا كان غورديفسكي يشير للطرفين إلى ما يقولانه إلى أحدهما الآخر، الأمر الذي لم يحدث من قبل قط في التاريخ. 

بصرف النظر عن الطرق الغريبة التي استخدمها غوردوفيسكي وعناصر الاستخبارات البريطانية، مثل الكاميرات الخفية، وترك مظاريف من النقود في أماكن عامة ليلتقطها عميل، فإن ماكنتاير يصف غورديفسكي بأنه من "أشجع الرجال" الذين عرفهم. وبدأ الرجلان يلتقيان منذ خمس سنوات في بيت آمن يسكنه غورديفسكي منذ هروبه من موسكو في عام 1985. 

يعلمون بعمالته المزدوجة
يقول ماكنتيار إن الاستخبارات البريطانية شددت الإجراءات الأمنية لحماية غورديفسكي، بعد تسميم العميل المزدوج سيرغي سكريبال وابنته، وابتاعت المنزل المقابل لمنزل غورديفسكي عبر الشارع، لكن لا أحد في الحي يعرف من هو. وأكد الصحافي ماكنتاير أن رد فعل غورديفسكي على تسميم سكريبال كان يتسم بعدم الاكتراث. 

يلاحظ ماكنتاير أن غورديفسكي توقع قبل خمس سنوات حدوث زيادة كبيرة في النشاط التجسسي الروسي في بريطانيا، وأنه يعتقد أن عدد الجواسيس الروس الذين يعملون الآن في بريطانيا أكثر من عددهم خلال فترة الحرب الباردة، لا سيما أنهم يستطيعون دخول بريطانيا بسهولة اليوم. 

أرسل ماكنتاير كتابه إلى روسيا، لكنه لم يتلق ردًا. وقال إن "الكتاب لن يعجبهم، وهم لديهم روايتهم الخاصة لهذه الواقعة، وهي أنهم كانوا يعرفون أن أوليغ غورديفسكي كان عميلًا مزدوجًا يتجسس للبريطانيين". 
 
إمكانية خرق تفكير
ما فعله غورديفسكي كان شديد الوطأة على عائلته، وهذا هو الجانب المأساوي من قصته. فزوجته ليلى لم تكن تعرف أنه كان يتجسس على جهاز الـ"كي جي بي"، الذي كان والدها يعمل فيه. وأُصيبت بصدمة كارثية حين علمت بأنه عميل بريطاني، وسرعان ما انهار زواجهما بعد ذلك. في النهاية غادرت زوجته، وهي تعيش الآن في بيت آمن في بريطانيا، ودرست ابنتاه في الجامعة، لكنهما لا تتصلان بوالدهما. 

ذكرت صحيفة "إيفننغ ستاندارد" في ختام تقريرها أنه من المقرر تحويل كتاب ماكنتاير عن العميل المزدوج غورديفسكي إلى مسلسل تلفزيوني، مشيرة إلى أن أجهزة الاستخبارات البريطانية اليوم ليست مليئة برجال بيض درسوا في جامعة أوكسفورد أو كامبردج، بل هناك الكثير من النساء والأصول الإثنية المختلفة، ويجري التركيز على المراقبة الالكترونية والتشفير، لكن العنصر البشري في جمع المعلومات ومعرفة تفكير العدو ما زال موضع تثمين كبيرًا. 

ويقول ماكنتاير إن هذا ما كان غورديفسكي يفعله "فهو لم يكشف ما كان يجري في الكرملين فحسب، بل كان يعرف ما يفكر الكرملين بأن يفعله، وهذا منح الاستخبارات الخارجية البريطانية أفضلية كبيرة". 

أعدت "إيلاف" هذا التقرير بتصرف عن "إيفننغ ستاندارد". الأصل منشور على الرابط:

https://www.standard.co.uk/lifestyle/london-life/secret-agent-biographer-ben-macintyre-takes-us-on-a-spys-tour-of-london-a3953426.html


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في ثقافات