: آخر تحديث
"إيلاف" تقرأ لكم في أحدث الإصدارات العالمية

هل يضطر الإنسان لالتهام بني جنسه!

251
285
216

قد تكون فكرة أن يأكل كائن حي كائنًا آخر من جنسه نفسه مشمئزة ومثيرة للقرف والخوف، لكن مع تناقص القدرات على إنتاج الغذاء قد يتكرر التهام الإنسان للحم أخيه بشكل قد يغدو الأمر معه بديهيًا!. 

إيلاف: يتناول الخبير في علم الحيوان بيل شوت في كتابه "أكل لحم الجنس نفسه: تاريخ طبيعي تمامًا" أو كانيباليزم بالانكليزية موضوعًا يثير في العادة مشاعر قرف واشمئزاز واستهجان وحتى شيئًا من الرعب، حيث تتوارد إلى الذهن قصص نقلها التاريخ عن حوادث من هذا النوع، لا سيما تلك التي تتعلق ببني البشر. 

يقول النقاد إن هذا الكتاب ممتع عند قراءته، وهو يغير الكثير من أفكارنا المكتسبة، التي نعتقد أنها ثابتة عن عالم التهام الكائنات الحية كائنات من جنسها نفسه.

سلوك غير مفهوم 
كان من المعتقد أن هذه الظاهرة غريبة وغير مفهومة، وليس لها أي معنى على الصعيد البيولوجي، حين يتعلق الأمر بعالم الحيوان، ولطالما اعتبرت مجرد نتيجة لشعور يائس بالجوع أو رد فعل على خطر يهدد الحياة، ولم يحدث أن كرّس متخصصون وقتًا كثيرًا لدراستها. 

كان الأوروبيون يأكلون أجزاء من جسم الإنسان لأغراض علاجية

لكن الكاتب يطرح في هذا المؤلف نتائج بحوث عديدة أجراها على عالم الحيوان، حيث يلاحظ انتشار هذه الحالة بشكل أكبر مما كان متوقعًا، حتى لدى حيوانات نباتية، مثل الفراشات. وهو يعتقد أنها تحدث، لأن الطبيعة ربما تستخدمها لحل مشاكل عدة، مثل تزايد عدد الكائنات، وتناقص المساحات الكافية والغذاء.
 
يكرّس الكاتب الثلث الأول من كتابه لعالم الحيوان، ويتضمن الكثير من المعلومات غير المعروفة مسبقًا. ويعطي أمثلة عديدة، مثل أنثى طير نقار الخشب، حيث تشترك أنثيان عادة في عش واحد، وتقوم كل واحدة منهما بتحطيم بيضات الأخرى والتهامها، وهو أمر قد يتكرر على مدى أسابيع، حتى اليوم التي تضع كل منهما بيضة في الوقت نفسه تقريبًا.

هناك أيضًا حالات تلتهم فيها الأنثى جسد الذكر بعد ممارسة عملية التكاثر، مثلما يحدث مع العنكبوت الأسترالي أحمر الظهر.  
يدرس الكاتب هذه الظاهرة من زوايا متعددة، ويحاول الإجابة عن أسئلة عديدة تخص عالم الحيوان.

من المحرمات
أما في ما يتعلق بالإنسان فهي مسألة محرمة في ثقافتنا، وعادة ما يتم تناولها في إطار قصص رعب وسحرة أو قصص خيالية رهيبة لا تمت إلى الواقع بصلة. 

يتناول شوت هذا الموضوع بشيء من الإسهاب، مع إعطاء بعد بيولوجي وأنثروبولوجي وتاريخي لهذه الظاهرة بطريقة تجعل هذا الكتاب أفضل ما كتب حتى الآن عن هذا الموضوع المعقد.
 
ويقدم المتخصص سجلًا بأشهر الحوادث، ومنها حادثة جماعة دونر، التي وقعت في منطقة غرب الولايات المتحدة في 1846-1847، عندما حوصر 87 مهاجرًا في منطقة ثلجية وعرة لأشهر عدة، ولم ينج منهم إلا النصف، وذُكر أن الناجين التهموا لحوم من مات منهم.
 
يذكر الكاتب أيضًا ممارسات كانت موجودة حتى نهاية القرن العشرين، حيث كان الأوروبيون يأكلون بشكل منتظم أجزاء من جسم الإنسان لأغراض علاجية. من المعتقد أيضًا أن انقراض إنسان النياندرتال جاء نتيجة لهذه الظاهرة.

يذكّر الكاتب بأفكار روّجها كرستوفر كولومبس ومعاصروه من حكام إسبانيا عن وجود قبائل تعيش على التهام لحوم البشر بين سكان أميركا الأصليين. وكانت هذه حجة استخدمها الأوروبيون لقتل هؤلاء السكان من دون مساءلة في ظل تجاهل إنساني وعالمي دام لمدة 500 عام، وهو ما يعتبره الكاتب "إجحافًا تاريخيًا".  

المستقبل
لا يكتفي الكاتب بالتحدث عن الماضي وعن الحيوانات والإنسان، بل يحذر أيضًا من المستقبل، وهو يعتقد أن تغير المناخ وانتشار الأمراض وتزايد أعداد البشر وتناقص القدرات على إنتاج المواد الغذائية والحيوانية الكافية لسد حاجتهم الماسة إلى الطعام كلها عوامل ستؤدي حتمًا إلى تكرر حالات التهام الإنسان لحم أخيه الإنسان وشيوعها بطريقة قد تجعل من هذا الأمر طبيعيًا إلى حد ما ولا تثير الكثير من الاستهجان مثلما تفعل الآن.

ويشير الكاتب إلى ظهور حالات يطرح فيها البعض طرقًا لطبخ المشيمة التي يلفظها جسم الأم بعد الولادة، وهي فكرة تثير اشمئزاز البعض على الأرجح، ولكنها موجودة حاليًا لتكون مؤشرًا إلى ما يمكن أن يحدث في المستقبل شئنا ذلك أم أبينا. 
 
أعدت "إيلاف" هذا التقرير بتصرف نقلًا عن "واشنطن إندباندنت ريفيو أوف بوكس". المادة الأصل على الرابط:
http://www.washingtonindependentreviewofbooks.com/bookreview/cannibalism

 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في ثقافات